ان كمال العبودية وتمام التوحيد أن تعلم يقينا أنه لا يجيب المضطر إذا دعاه إلا الله، من يجيب المضطر إذا دعاه.
أيها الأخيار: من ذا الذى صدق ودعا ربه وخيب رجاءه، هل صدقت الله مرة فخيب رجاءك، هل صدقت الله مرة فخيب رجاءك؟ هل صدقت الله مرة فخيب رجاءك ورد دعاءك؟ لكن طالما رد الله دعاءنا لأسباب كثيرة ستتضح لنا الآن لكن ما إن صدقت وحققت الإخلاص والعبودية إلا وإستجاب الله لك وفرج كربك، وكشف غمك وأزال همك، تضرع إليه نبيه {فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ* وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ * وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ * تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاء لِّمَن كَانَ كُفِرَ} (10، 14) سورة القمر تضرع إليه نبيه يونس فى بطن الحوت {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ} (87، 88) سورة الأنبياء .
وتضرع إليه خليله إبراهيم وهو فى النيران بهذه الكلمة الجميلة { قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ}([8])، فأمر الله النار فصارت بردا وسلاما على إبراهيم {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} (69) سورة الأنبياء .
ولجأ إليه نبيه موسى حينما قال له قومه: {فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}(61،62) سورة الشعراء ونجاه رب العالمين، ولجأ إليه نبيه المصطفى محمد ووقف فى بدر أمام جيش جرار وتضرع إلى العزيز الغفار:" اللهم غنى أنشدك وعدك الذى وعدتنى، اللهم إنى أنشدك وعدك الذى وعدتنى".
فنصر الله جل وعلا عبده، وأذل الشرك والمشركين، وتبعثر المشركون فى الصحراء كتبعثر الفئران، ولجأ إليه كل صديق وكل صادق وكل صالح وكل مؤمن فما خيبه سبحانه وتعالى. ومن جميل ولطيف ما أستأنس به وقد ذكرت الأدلة الكثيرة ما ذكره الحافظ أبن كثير عند قول الله تعالى: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ} (62) سورة النمل.
ذكر أن عبدا من الصالحين، خرج عليه قاطع طريق، وأراد أن يسلب ماله ويقتله، فقال له ذلك العبد الصالح، خذ مالى ودعنى ارجع إلى أهلى وعيالى فأبى قاطع الطريق إلا أن يقتله، فقال له: دعنى أركع لله ركعتينن وغاب عن هذا الرجل الصالح كل دعاء إلا أن الله جل وعلا ذكره بهذه الآية الكريمة {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ} (62) سورة النمل وقال: يا ودود يا ودود، يا ذا العرش المجيد، يا فعال لما يريد، يا من ملأ نوره أركان عرشه، يا مغيث المستغيث أغثنى، فما أن انصرف عن صلاته وجد فارساً يصوب حربة فى يده إلى قاطع الطريق فيقتل فى الحال فيقوم إليه ويتعلق به ويقول له: من أنت؟ فيقول له: أنا رسول من يجيب المضطر إذا دعاه، لا تسأل عن المخرج ما عليك إلا أن تصدق الله فحسب {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ}
يعنى أإله مع الله يجيب المضطرين؟ أإله مع الله يسمع دعاء المتضرعين؟ أإله مع الله يكشف البلوى عن المبتلين؟ أإله مع الله؟ الآن ينصر الأمة أمام الظالمين والمتكبرين لا إله غيره ولا رب سواه ولا ملجأ إلينا اليوم إلا إليه جل فى علاه، فأول شرط من شروط قبول الدعاء أن نخلص لله جل وعلا وأن نحقق التوحيد الكامل له سبحانه وتعالى.
الشرط الثاني: عض على الثانية بالنواجذ- تحر الحلال فى المأكل والمشرب والملبس رجل طعامه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام، وغذى جسده بالحرام، لا يستجيب له حتى يتوب إليه.
الحديث الذى رواه مسلم من حديث أبى هريرة أنه قال: "إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا" انتبه: إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} (51) سورة المؤمنون. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} (172) سورة البقرة.
ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يارب يارب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وُغذى بالحرام فأنى يستجاب لذلك ([9]) هل عرفتم الجواب اللهم جنبنا الحرام، مشى
إبراهيم بن أدهم ذات يوم على سوق البصرة فلما عرف الناس أن إبراهيم بن أدهم بينهم أسرعوا إليه والتفوا حوله وهو العالم الزاهد العابد التقى الورع وقالوا له: يا أبا إسحاق: ما لنا ندعو الله فلا يستجيب لنا؟ ما لنا ندعو الله فلا يستجيب لنا؟ فقال إبراهيم بن أدهم: لعشرة أسباب- أرجو أن تتدبروا الأسباب وأخبرونى عن سبب واحد ليس فينا- قال: لعشرة أسباب قالوا: هاتها يرحمك الله قال: عرفتم الله فلم تؤدوا حقوقه، وزعمتم أنكم تحبون رسول الله وتركتم سنته، وقرأتم القرآن ولم تعملوا به، وأكلتم نعم الله ولم تؤدوا شكرها، وقلتم: إن الشيطان لكم عدو ولم تخالفوه، وانتبهتم من نومكم فانشغلتم بعيوب الناس ونسيتم عيوبكم، وقلتم: إن الموت حق ولم تستعدوا له، وقلتم: إن الجنة حق ولم تعملوا لها، وقلتم: إن النار حق ولم تهربوا منها، ودفنتم موتاكم ولم تعتبروا بهم.
إلهى لا تعذبنى فإنى
إلهى لا تعذبنى فإنىفكم من ذلة لى فى البريا
يظن الناس بى خيرا وإنى
هذا واقعنا وحالنا.
مقر بالذى قد كان منى
مقر بالذى قد كان منىوأنت على ذو فضل ومن
لشر الناس إن لم تعف عنى
الشرط الثالث: من شروط قبول الدعاء عدم الاستعجال فكثير من إخوانى وأخواتى يتصورون أن إجابة الله دعاء العبد أن يحقق الله سؤاله فى التو واللحظة، هذا سوء أدب خطير مع الله.
روى البخارى ومسلم من حديث أنس أن النبى قال: "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل" قيل: يا رسول الله- وهذا اللفظ لمسلم- قيل-: يا رسول الله: وما الاستعجال؟ قال:" يقول العبد: قد دعوت وقد دعوت فلم أر يسُتجاب لى. قال فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء" ([10])
واقع نحياه يقول العبد: قد دعوت فأنا طوال سنة أدعو قد دعوت وقد دعوت قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجاب لى قال: " فسيتحسر عند ذلك ويدع الدعاء" يصاب بالحسرة" فسيتحسر عند ذلك ويدع الدعاء" يترك الدعاء.
هذه بعض شروط قبول الدعاء أسأل الله أن يعيننا على تحقيقها.
منقـول للآفـآأإدة