عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثلاث من كن فيه حاسبه الله حساباً يسيراً و أدخله الجنة برحمته قالوا : لمن يا رسول الله ؟ قال : تعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك وتصل من قطعك. قال : فإذا فعلت ذلك فما لي يا رسول الله ؟ قال : أن تحاسب حساباً يسيراً ويدخلك الله الجنة برحمته). رواه الحاكم في مستدركه.
يبين الحديث الشريف ثلاثا من أفضل أخلاق الدنيا والآخرة، وهي: (تعطي من حرمك) سواء منعك ما هو لك أو منعك معروفَه ورِفْده؛ لأن مقام الإحسان إلى المسيء ومقابلة إساءته بالصلة من كمال الإيمان الموجب للرفعة . (وتعفو عمن ظلمك) معنى العفو أن تستحق حقا فتسقطه، وتؤدي عنه من قصاص أو غرامة، وهو غير الحلم والكظم. وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: "ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله". وفى "الصحيحين" من حديث عائشة رضي الله عنها، عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "إن الله عز وجل يحب الرفق في الأمر كله".وفى حديث آخر "من يحرم الرفق يحرم الخير". (وتصل من قطعك) صلة الرحم: هي الإحسان إلى الأقارب على حسب حال الواصل والموصول. فتارة تكون بالمال وتارة تكون بالخدمة وتارة بالزيارة والسلام، وغير ذلك. والواصل لرحمه هو الذي إذا قطعت رحمه وصلها كما في أفراد البخاري: "ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذى إذا قطعت رحمه وصلها". وفى حديث آخر من أفراد مسلم أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، قال: "لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك". والمعنى أنك منصور عليهم، وقد انقطع احتجاجهم عليه بحق القرابة، كما ينقطع كلام من سف المل، وهو الرماد الحار. والأحاديث فى ذلك كثيرة مشهورة . فاللهم اجعلنا واصلين لأرحامنا، معطين من حرمنا، عافين عمن ظلمنا